تحتضن ريو دي جانيرو بداية من الخامس من غشت النسخة الـ31 لدورة الألعاب الأولمبية، أكبر وأهم الأحداث الرياضية، والذي دائما ما كان تاريخه حافلا بالحكايات الطريفة والنوادر.
يعد سبيريديون لويس اسما معروفا في الحركة الأولمبية، لكونه أول من فاز بسباق الماراثون في دورة أثينا عام 1896، ولكن جائزة هذا الانتصار كانت فريدة للغاية: حلاقة مجانية وتنظيف للحذاء بدون مقابل مدى الحياة، والحصول على ضمان للطعام.
كانت غنيمة جيدة بالنسبة للويس، الذي حصل أيضا على ميدالية من الفضة وليس الذهب لأن الفضة في ذلك الزمان كانت قيمتها أكبر من الذهب؛ وهو الأمر الذي تغير بعدها بثمان سنوات في دورة سان لويس عام 1904.
تغير البرنامج الأولمبي كثيرا، ولكن هذا لم يمنع من العودة في دورة ريو للمدرسة القديمة في دخول بعض الرياضات، مثل الغولف (الذي ظهر في نسختي 1900 و1904)، والركبي السباعي (1900-1908-1920-1924)، ولكن بكل تأكيد فإن سباق الأشولة ومسابقات كسر الأوعية وقفز الضفدعة لن تظهر مجددا في الأولمبياد كما حدث في نسخة 1900 بباريس.
ما سيظهر غالبا هو حالات الاحتيال والخداع، وهي ظاهرة مؤسفة في تاريخ الرياضات الأولمبية. كان الأمريكي فريد لورز أول محتال في تاريخ الأولمبياد، إذ فاز بماراثون دورة سان لويس 1904 في زمن قدره ثلاث ساعات و13 دقيقة ولكنه لم يبد عليه أي إجهاد رغم قسوة السباق.
بعدها بساعات عرف أن لورز توجه للاستاد الأولمبي في سيارة، ولكنها تعطلت قبل الوصول بقليل، لهذا دخل الصرح سائرا على قدميه، وفي ظل الاستقبال قرر الاستمتاع بلحظة من الشهرة، إلى درجة أنه وقف لالتقاط الصور مع أليس روزفيلت، ابنة رئيس الولايات المتحدة.
وفي الدورة نفسها، يظهر أيضا اسم اكتسب شهرته الخاصة، وهو العداء الكوبي فيليكس كارباخال، المعروف باسم "المشاء"، والذي سافر للمدينة الأمريكية بمساعدة مالية شعبية تلقاها في هافانا، تلك المدينة التي كان يعمل بها كساعي بريد، وكان يقف في شوارعها بلافتة معلقة فوق ظهره كتب عليها "تعاون مع عداء يرغب في المشاركة في الأولمبياد".
ويحتل الشأن العائلي تاريخا طويلا في الألعاب الأولمبية، ولكن توجد حالة فريدة من نوعها لأوسكار وألفريد شون، فهما الأب والابن الوحيدان اللذان فازا بلقب أولمبي وهما في الفريق نفسه. كان هذا في لندن سنة 1908 بمسابقة صيد الغراب الطائر العجيب.
من ضمن الأسماء الخالدة أيضا في تاريخ الأولمبياد جيسي أوينز، الملقب بالظبي الأسمر، والذي فند نظريات هتلر بخصوص تفوق العرق الآري حينما فاز بأربع ميداليات ذهبية في دورة برلين.. وسيظل هروب الديكتاتور من المنصة في كل مرة يفوز بها أوينز بمنافسة لكي لا يحييه خالدا في الذاكرة.
ويمتلك المجري كارولي تاكاتش تاريخه الخاص في الأولمبياد.. في 1938 وعمره 28 عاما كان رقيبا في الجيش وبطلا للرماية في بلاده، ولكن قنبلة انفجرت في يده اليمنى التي دائما ما كان يستخدمها في المنافسات. لم يستسلم تاكاتش وتدرب لمدة عشر سنوات لتحسين قدرات يده اليسرى.. لم يذهب كل هذا سدى إذ فاز بذهبية لندن 1948 وحطم الرقم العالمي، ولكنه لم يكتف بهذا، بل كرر الأمر نفسه في هلسنكي عام 1952.
وشهدت دورة مكسيكو سيتي حدثا فريدا من نوعه عام 1968، وهو زفاف أقيم في وسط المنافسات. كانت العروس لاعبة الجمباز التشيكوسلوفاكية فير كاسلافسكا، ملكة الدورة التي حققت أربع ميداليات، أما العريس فكان مواطنها جوزيف أودلوزيل، صاحب ذهبية سباق ألف و500 متر على الأراضي المكسيكية، حيث تزوج الثنائي في كنيسة جاودالوبي.
بعدها بفترة، ولأسباب مختلفة للغاية، كان البطل هو السباح الغيني إريك موسى مباني، الذي دخل التاريخ الأولمبي بسبب ما قدمه في دورة سيدني عام 2000، إذ كان مظهره وهو يكافح منفردا لكي لا يغرق في المسبح الأولمبي وسط تصفيق حاد حدثا لا ينسى.
ما السر وراء هذا؟ كان موسى مباني في الأساس لاعبا سابقا للكرة الطائرة، ولكنه دخل لاحقا في الاتحاد الغيني للسباحة، لأنهم، وفقا لكلماته "كانوا في حاجة إلى من يشارك في الأولمبياد ولم يتقدم أحد".
ربما يفسر هذا الأمر سبب تحقيقه أسوأ وأبطأ رقم في تاريخ سباق مائة متر حرة بالأولمبياد، وهو دقيقة و52 ثانية، لأن هذه كانت أول مرة يسبح فيها موسى مباني بمغطس بالأبعاد الأولمبية.
ضمن الحالات المشابهة لواقعة السباح الغيني، السويسرية جابرييل أندرسين تشيس في ماراثون السيدات في لوس أنجليس 1984 لم تصل في المركز الأول؛ ولكن هذا ليس شيئا جللا لأنها حينما دخلت الملعب كانت ترتعش وتعاني من الجفاف والتشنجات بل وتخشب الجسد، ولكن هذا لم يمنع حصولها على تصفيق وتحية خاصة من الجماهير، خاصة أنها استغرقت ست دقائق قاسية لقطع المسافة بين البوابة وخط النهاية، بصحبة طبيب إلى جانبها.
بالنسبة للبرازيلي فانديرلي كورديرو دي ليما فإنه حصل على ما هو أكثر من التصفيق، إذ توج ببرونزية ماراثون أثينا 2004.. وتعود شهرته إلى أن المشجعين أوقفوه لعدة ثوان حينما كان يتصدر السباق بفارق كبير، وتسبب هذا في تفوق اثنين من المتنافسين عليه، ليضطر للرضا بالمركز الثالث وميدالية بيير دي كوبرتين، أبرز الجوائز التي تمنحها اللجنة الأولمبية الدولية للروح الأولمبية.
وكان للاعبة المبارزة بالشيش الكورية شين لام شهرتها الخاصة في دورة لندن 2012 لأنها ظلت أكثر من ساعة جالسة في الملعب لعدم اعترافها بهزيمتها من الألمانية بريتا هيدمان.
وستشهد دورة ريو نفسها حدثا تاريخيا بمشاركة أول فريق أولمبي للاجئين، تحت مسمى (روت)، يضم 10 أشخاص من دول مختلفة، هي سوريا وجنوب السودان والكونغو الديمقراطية وإثيوبيا.
لا يتوقف الأمر عند هذا، فبسبب الخوف من فيروس زيكا الموجود في البرازيل، فإن لاعب قفز المسافات الطويلة جريج رازرفورد أعلن أنه سيجمد عينات من سائله المنوي خوفا من الإصابة بالمرض، خاصة أنه ينتقل عبر الجماع ومن ضمن الأمور التي يسببها صغر حجم الرأس بالنسبة للمولودين الجدد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق