أعلان الهيدر

الرئيسية قراءة في القانون 13-114 المتعلق بنظام المقاول الذاتي

قراءة في القانون 13-114 المتعلق بنظام المقاول الذاتي



القانون 13.114 المتعلق بنظام المقاول الذاتي، يهدف من بين مقتضياته، إلى حماية المقاول من بعض الإكراهات المرتبطة بإنشاء المقاولة، حيث أنه لا يجوز طبقا للمادة 4 من هذا القانون الحجز على ممتلكات المقاول الذاتي العقارية أو المنقولة غير المخصصة لممارسة نشاطه بسبب الديون المستحقة المتبقية بذمته والمرتبطة بالنشاط المذكور. حماية يريد بها المشرع دفع عدد كبير من العاملين في القطاع الغير المهيكل للانخراط في هذه البنية الجديدة قصد إدماجهم في « بديل قانوني للأنشطة الغير مهيكلة من خلال منحها صفة قانونية ».

فكرة السماح للمقاول للفصل بين ذمته الشخصية وذمة المقاولة مثيرة للاهتمام بشكل خاص لأنها تؤدي إلى التفرقة بين المقاول و المقاولة.

لذلك فمن الضروري أولا أن نوضح الوضع القانوني الجديد للمقاول الذاتي، ثم وصف عملية تشغيل أصول المقاولة ثانيا.

  • الوضع القانوني الجديد للمقاول الذاتي

     

المقاول الذاتي، حسب الفصل الأول من القانون 13.114 المشار له أعلاه، هو كل شخص ذاتي يزاول باسمه الشخصي، و بصفة فردية و لحسابه الخاص، نشاطا تجاريا أو صناعيا أو حرفيا أو ينجز خدمة شريطة أن يقل أو يساوي رقم أعماله 500 ألف درهم بالنسبة للأعمال الصناعية أو التجارية أو الحرفية و 200 ألف درهم بالنسبة للخدمات.

فقبل الخوض في أي نقاش و تحليل فطبقا لهدا الفصل فالمجال الفلاحي لا يدخل في هدا الإطار، فالمقاول الذاتي لا يمكن أن يكون فلاحا أو يمارس نشاط فلاحي، وهنا نأسف على استثنائه. كما أن المقاول الذاتي تم تحديده من خلال مدونة الضرائب قبل صدور القانون بسنتين من خلال سقف رقم المعاملات التي تضمنه القانون الجديد.

فقانون المالية لسنة 2014، الذي اعتمده البرلمان في قراءته الثانية ب27 ديسمبر 2013 و الذي شرحت مقتضياته من خلال مذكرة 722 الصادرة ب23 يناير 2014 . فبالنسبة لقانون المالية الذي استبق اعتماد القانون فالمقاول الذاتي يحدده رقم المعاملات الذي حدد سقفه وتمت صياغته في المواد 42 مكرر و 42 مثلت و 82 مكرر بالمدونة العامة للضرائب. بينما المادة 73-ااا حددت الضريبة التي سوف تفرض عليه ب 1 في المائة بالنسبة للأنشطة التجارية و 2 في المائة بالنسبة للخدمات من رقم المعاملات.

أما بالنسبة للأعمال التي تدخل في النشاط التجاري أو الصناعي أو الحرفي أو الخدماتي فإن الفقرة الأخيرة من الفصل الأول تقول بأنها سوف تحدد من قبل نص تنظيمي.

النص التنظيمي رقم 2-15-263، الذي ثم بلورته بتعاون مع مديرية الضرائب، يعتبر أن الأنشطة التي لا يمكن للمقاول الذاتي ممارستها هي أنشطة تدخل في قائمة « الأنشطة المبعدة » و تتضمن الأنشطة المنظمة بقانون كالمهندسين، و الطبوغرافيين، الأطباء، الصيادلة…… و الأنشطة التي لا تخضع للنظام الجزافي في الإقرار الضريبي كالمحاسبين، وأصحاب مكاتب الدراسات، و منتجي الأفلام ……

من هنا يمكننا أن نعرف الأعمال التجارية و الصناعية و الحرفية و الخدماتية التي يحق للمقاول الذاتي مزاولتها بالرجوع إلى الفصل 6-7-8 من مدونة التجارة و التي تحدد قائمة الأعمال التي تعطي صفة تاجر رغم أنها لا تميز بين الأنشطة التجارية و الصناعية و الحرفية و الخدماتية.

إذن المقاول الذاتي ليس بصيغة جديدة بالنسبة للمقاول كشخص ذاتي، لأن المقاولة مستغلة في إطار الشخص الذاتي كانت دائما موجودة بموازاة المقاولة كشخص معنوي أو الاعتباري رغم أن جوهر الاختلاف بينهما كان حدود المسؤولية في الممتلكات التي يمتلكونها. فبينما كانت المسؤولية بالنسبة للشخص المعنوي في حدود رأس المال أما بالنسبة للشخص الذاتي أو الطبيعي فالمسؤولية تتجاوز المهني لتصل إلى الممتلكات الشخصية للمقاول. رغم أن قانون الشركات قد أعطى الحق للشخص أن يحدد المسؤولية الشخصية في حدود الرأسمال في إطار شخص معنوي الذي هو الشركة ذات المسؤولية المحدودة ذات المساهم الوحيد.

إذا، فالمقاول الذي يشير إليه القانون الجديد، وليس رسميا المقاولة، فهو مؤسسة قانونية ل »أي مقاول فردي ». ويمكن القول أن القانون الجديد لم يعرف « المقاول الذاتي » باعتباره مسألة بديهية غنية عن التعريف. ومن هنا يمكننا القول أن المقاول الذاتي هو أي شخص طبيعي يمارس نشاط مقاولتي، غير فلاحي أو نشاط مقنن أو نشاط غير خاضع للنظام الضريبي الجزافي، كيف ما كان هدا النشاط صناعيا أو تجاريا أو خدماتيا دون استخدام بنية ذات شخصية اعتبارية أو منظومة غير مجسدة و التي يمكن أن تجعل المقاول الذاتي مقاولا « جماعي ».

مع دلك يبقى هناك سؤال حساس، فإن كانت الممارسة الاعتيادية أو الاحترافية للأنشطة المعرفة في الفصل 6-7-8 تكسب صفة التاجر، هل المقاول الذاتي معني بدلك؟ بالفعل و مما لا شك فيه، مادام أن مدونة التجارة تعطي الصفة إلى مقاولين رغم أن بعضهم غير ملزمين بالتقيد في السجل التجاري الممسوك لدى المحاكم. لكن هل كل المقاولين الذاتيين معنيين؟ يبقى السؤال مفتوحا مع الأخد بعين الاعتبار أن شروط الأهلية في مزاولة النشاط التجاري كما هي منصوص عليها في المادة 12 إلى المادة 17 من مدونة التجارة لم ينصص عليها القانون الجديد ……

يجب الملاحظة، إذا اعتبرنا أن المقاولة الذاتية ليست شخصا اعتباريا، فإننا سوف نتساءل عما إن كان هدا النوع من المقاولة سوف يحقق النجاح المتوخى منه. حتى لا نكون متشائمين كثيرا، فإنه يبدو أن المقاولات للأشخاص الذاتيين هم كثيرون من حيت العدد، رغم أن إمكانية تأسيس و تشغيل الشركات المحدودة المسؤولية أصبح أكتر سهولة. مما يدفعنا إلى التساؤل عما إذا كان هذا رهانا مجازفا كوضع آلية قانونية أخرى إضافية رهن إشارة المقاول الطبيعي، يصعب استيعابها كأقل من شركة ذات الصبغة المعنوية؟.

كما أن مدونة التجارة قد حددت أدوات الأداء و الضمانات كما أقرت في الكتاب الخامس إجراءات الوقاية و المعالجة من صعوبات المقاولة و قررت من خلال الفصل 560 بأن مساطر معالجة صعوبات المقاولة على كل تاجر وكل حرفي وكل شركة تجارية ليس بمقدورهم سداد الديون المستحقة عليهم عند الحلول، بما في ذلك الديون الناجمة عن الالتزامات المبرمة في إطار الاتفاق الودي المنصوص عليه في المادة 221 من المدونة كما أنه و في نفس السياق قد حما الزوج من خلال الباب العاشر : حقوق الزوج….

من خلال هده المعطيات ألا يمكننا القول بأن المشرع قد فوت فرصة لخلق وضع قانوني حقيقي للمقاول الذاتي يجعله يختار هدا الوضع المتاح له؟

أخيرا فالشركة ذات المسؤولية المحدودة للشريك الوحيد هو إطار للصناعي و الحرفي و الخدماتي الذين يزاولون نشاطا تجاريا لوحدهم. ألم يكن من الممكن تصور إطار أوسع يخص المقاولة الفردية؟

  • تشغيل أصول المقاول الذاتي

     

كل مقاول فردي يمكن أن يرصد لنشاطه المهني ممتلكات متفرقة عن ممتلكاته الشخصية، دون الحاجة إلى خلق شخص اعتباري، هده هي القاعدة الجديدة التي يكرسها القانون الجديد.

إدا كان ممكنا للمقاول الذاتي أن يرصد ممتلكات لنشاطه المهني، فهدا سيجعله على رأس نوعين من الممتلكات أو أكتر حين يمكن أو تكون له الفرصة في ذلك . الهدف الأول من خلق هده الآلية الجديدة حماية الممتلكات الشخصية من المتابعة الدائنين.

الممتلكات المرصودة، التي يتم إنشائها عبر القيد في السجل التجاري، التي من المفروض على كل من له صفة التاجر التسجيل فيه وفق شروط فيها حد أدنى. أضف إلى ذلك فإن الأشخاص الطبيعيين ملزمين بالتصريح خلال القيد ببعض المعطيات التي تحدد الممتلكات المرصودة من رأس مال وجميع الأصول المرصودة والحقوق و الالتزامات اللازمة لممارسة نشاطه المهني (المادة 45 و 46 من مدونة التجارة). بينما نجد أن هده المعطيات ليست كلها مطلوبة للمقاول الذاتي و خصوصا ما يتعلق بالممتلكات المرصودة للنشاط التجاري (المرسوم 258.15.2 الدي يطبق المواد 5،6 و 8 من القانون 13.114 ) و التي ممكن للدائنين المطالبة بها عند اعتذار الأداء.

قد يقرر المقاول الذاتي، سيما أن القانون الجديد أعطى له الحق توطين مقاولته داخل سكناه (المادة 3 من القانون 13.114 )، تخصيص بعض الأصول والحقوق و الالتزامات غير لازمة لممارسة نشاطه المهني.

من هنا وجب التساؤل عن استحالة تكوين ممتلكات مخصصة تكون قد تكونت من نفس الدين، وذلك لأن التزام لا يمكن أن يدخل في تكوينات العديد من الممتلكات المخصصة.

في هدا الصدد، وعند استحالة الوفاء للدائنين من الأملاك المخصصة للنشاط التجاري، فإن القانون الجديد لا يقول شيئا سوى استحالة الحجز على الممتلكات الشخصية الغير المخصصة للنشاط التجاري. كما أن القانون الجديد يشرط في المادة 3 بوجوب الالتزام في النشاط المزاول بالتشريعات المعمول بها في هدا الميدان و الذي يعتبر فيه القانون التجاري نخاعه الشوكي.

من هنا فإنه من اللازم إدراج مقتضيات جديدة تتمم القانون 13.114 أو القانون التجاري بحيث يتيح للقضاة الأمر في مدة زمنية محددة تكييف و تحديد الممتلكات المخصصة للنشاط التجاري من ما هو دون ذلك حتى يمكن تطبيق مقتضيات الكتاب الخامس من مدونة التجارة المتعلق بصعوبة المقاولة و ذلك لتمكين المقاول الذاتي من الاستفادة من مسطرة الوقاية من الصعوبات و الوساطة و التصفية و حماية الدائنين من خلال معرفة مآل ديونهم، مع الأخذ بعين الاعتبار الصعوبات التي سوف يشكلها ذلك في غياب دفاتر محاسبتية مادام أن المادة 2 من القانون 13.144 قد أعفى المقاول الجديد إمساك المحاسبة وعدم الالتزام بالفصل 19 من القانون 19.95 المتعلق بمدونة التجارة التي تنص على مسك محاسبة طبقا لأحكام القانون 9.88 المتعلق بالقواعد المحاسبية الواجب على التاجر العمل بها.

كما إن تركيبة الممتلكات و الأصول المخصصة للنشاط التجاري يجب أن تخضع لمساطر صارمة لحماية مصالح الدائنين. فقائمة البيانات الملحقة بالنص التنظيمي رقم 2.15.258 كان من المفروض أن يتضمن بيان وصفي للأصول و الممتلكات المخصصة للنشاط التجاري أو المهني المزمع مزاولته من طرف المقاول الذاتي، مشيرا في نفس الوقت إلى قيمة الأصول الواردة فيه.

وأخيرا، فإن التخصيص يتوقف بتوقف النشاط التجاري أو بوفاة المقاول، ماعدا إذ قرر أحد ورثته استئناف النشاط التجاري، مع مراعاة قواعد الإراثة.

كما يمكن أن تكون الأصول المخصصة أيضا عرضة للبيع بين الأشخاص أو هبة أو تنازل دون مقابل مادي بين الأحياء أو إسهام في شركة ذات الصبغة المعنوية .

هده الأمور التي لم يتطرق إليها القانون الجديد نجد أن قانون المالية قد حدد مصيره الضريبي رغم ذلك. فالأرباح الصافية الناتجة عن البيع أو سحب الممتلكات المادية أو المعنوية لممارسة النشاط تخضع للضريبة وفقا للمادة 40 – ا – من مدونة الضرائب وفقا لنفس قواعد النظام الجزافي. هده الأمور الضريبية الملزمة خصوصا بعد التشطيب على المقاول الذاتي لإحدى الأسباب المنصوص عليها في المادة 8 من القانون الجديد، سوف تجعله مطالب بأداء الضريبة وفقا للمادة 40-ا- المشار إليها أعلاه حيت من الممكن أن تعتبر الممتلكات المخصصة بأنها سحبت من قبل المقاول الذاتي.

إن عدم الحسم في هده المسائل سوف يعرض المنظومة بأكملها للفشل كباقي المنظومات السابقة و التي أرصدت لها مبالغ هامة دون جدوى. فالمشكل عند المقاولات الصغرى و المتوسطة هو بالأساس مشكل تمويلات كيفما كان نوعها، بنكية أو تسهيلات للأداء بين مقاولين إلى ما غير ذلك. فالأوراق التجارية المشار إليها في الباب الثالث و العقود التجارية في الباب الرابع من مدونة التجارة تعتبر مع ما تتضمنه من الوفاء بالالتزامات و أداء الديون جوهر الممارسة التجارية و استمراريتها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.