«أنا وحدي، زوجتي ليست هنا»، بهذه الجملة رد الإرهابي آمدي كوليبالي، الفرنسي ذو الأصول السنغالية، على سؤال قناة «بي إف إم تي في»، في مكالمته الهاتفية الأخيرة قبل مقتله، واقفًا بين الرهائن الذين احتجزهم داخل متجر «هايبر كاشير» اليهودي بمدينة «باب فنسان» بشرق العاصمة الفرنسية.
«كوليبالي» كان مشتبهًا به في كونه منفذ الهجوم على أفراد الشرطة في مدينة «مونروج»، كما أن علاقته بالأخوين «كواشي» منفذي «مذبحة شارلي إبدو»، كانت وثيقة، فيما لم تكن زوجته، حياة بومدين، بعيدة عن كل هذا، بل كانت في قلب الأحداث، وتؤمن الشرطة الفرنسية أنها شاركت زوجها في هجومه على رجال الشرطة، لتصبح على رأس لائحة المطلوبين في فرنسا، بل وربما في أوروبا.
لم يكن يخطر ببال «بومدين»، ذات الأصول الجزائرية، صاحبة الـ26 عامًا، قبل أعوام قليلة، مجرد فكرة أن تصبح متطرفة، بل أن تشارك في عمليات إرهابية أيضًا، فالفتاة التي وقفت مع صديقها «كوليبالي»، على الشاطئ مرتدية البكيني محتضنة إياه ومبتسمة في سعادة، أثناء عملها «كاشير» بأحد المحال التجارية، لم يبد عليها أي علامات تدل على التشدد الديني، حتى إنها قبلت أن تعيش مع صديقها فترة من الزمن في منزل واحد دون زواج.
دخل صديقها السجن بتهمة السرقة، عام 2005، وتعرف هناك على الأخوين «كواشي»، لتنقلب حياته وصديقته رأسًا على عقب، ويدخلا معًا نفق التطرف المظلم.
خرج «كوليبالي» من السجن شخصًا آخر، بعد أن تشرب أفكار آل «كواشي»، وكان تأثيره على صديقته عظيمًا، فخلعت «بومدين» البكيني والملابس الغربية وتركت عملها، وارتدت النقاب، عام 2009، كما وهبت نفسها لصديقها.
وفي عام 2010، ذهبت «بومدين»، بصحبة صديقها، لزيارة الإرهابي المنتمي إلى القاعدة، جمال بغال، الذي يقبع تحت الإقامة الجبرية في جنوب فرنسا، وأخذا العديد من الصور هناك، وبررت الفرنسية ذات الأصول الجزائرية الزيارة للشرطة بعدها قائلة إنهما كانا يتدربان على القوس.
كما قالت «بومدين» للشرطة الفرنسية، حسب صحيفة The Daily Beast، إنها اتجهت لدراسة الدين والحروب القائمة في العالم، تأثرًا بـ«كوليبالي»، موضحة: «عندما شاهدت مذابح الأبرياء في فلسطين، والعراق، والشيشان، وأفغانستان، أو أي مكان أرسل فيه الأمريكان جنودهم، كل هذا، من الإرهابي إذن؟».
لم يمر الكثير على خروجه من السجن قبل أن تحرم «بومدين» من صديقها مرة أخرى، بعد أن عاد إلى السجن عام 2010 بعد محاولة فاشلة لتهريب إرهابيين محتجزين لتنفيذهم عملية إرهابية عام 2005 في باريس.
وكما تقرب «كوليبالي» من الأخوين «كواشي» تقربت «بومدين» من زوجة شريف كواشي، حتى إنه رُصد بينهن حوالي 500 مكالمة هاتفية، في 2014، حسب قناة CBS الأمريكية.
وفي نفس العام، تم إطلاق سراح صديقها «كوليبالي»، وانتقل للعيش معها، قبل أن يتزوجا لاحقًا بشكل ديني.
«أنا وحدي زوجتي ليست هنا»، لا أحد يعلم صحة قول «كوليبالي» يوم مقتله، هل كانت زوجته معه بالمتجر أم لا، تواترت أنباء عن هروبها بعد مقتله، إلا أن المعلومة لم تثبت صحتها، وتبقى الشرطة تبحث عنها الآن على قدم وساق، وهي المتهمة بقتل شرطية بمساعدة زوجها.
وتبقى شخصية حياة بومدين وتحولاتها الفكرية والحياتية غامضة، لم تكشف كل أوجهها بعد، إلا أن العالم يأمل أن يجد الإجابات لديها، إذا ما استطاعت الشرطة الفرنسية القبض عليها، بعد إصدارهم نشرة تحمل صورتها، وزوجها قبل أن يصبح في عداد الموتى مع اقتحام الشرطة للمتجر الذي احتجز به الرهائن، ليلة الجمعة.
عن “المصري اليوم”